قضت محكمة النقض بأن :
” المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة ۱۱ مكرراً من القانون رقم ۲۵ لسنة ۱۹۲۹ المضافة بالقانون رقم ۱۰۰ لسنة ۱۹۸۵ على أنه : ( …. و يجوز للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر معنوي يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما و لو لم تكن قد اشترطت عليه في العقد ألا يتزوج عليها ، فإذا عجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة … ) ، مفاده – على ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة – أن المشرع اشترط للحكم بالتطليق وفقاً لحكم هذا النص أن تثبت الزوجة وقوع الضرر بها لاقتران زوجها بأخرى مما يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما ، و أن يعجز القاضي عن الإصلاح بينهما ، و لا يعد مجرد الزواج بأخرى في حد ذاته ضرراً مفترضاً يجيز للزوجة طلب التطليق ، إذ أن من حق الزوج أن ينكح من الزوجات مثنى وثلاث و رباع عملاً بقوله تعالى ( و إن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ، ذلك أدنى ألا تعولوا ) ، و ما شرع الله حكماً إلا لتحقيق مصالح العباد ، و من المسلم به أن ما كان ثابتاً بالنص هو المصلحة الحقيقية التي لا تبديل لها و أن العمل على خلافها ليس إلا تعدياً لحدود الله ، و المصلحة التي تعارض النصوص القرآنية ليست مصلحة معتبرة ، و لكن أدخل إلى أن تكون تشهياً و انحرافاً فلا يجوز تحكيمها ، و قد أذن الله تعالى بتعدد الزوجات لمصلحة قدرها سبحانه و تعالى وفقاً لأحوال النفوس البشرية فأقره في إطار من الوسطية التي تلتزم بالاعتدال دون جور ، باعتبار أن الأصل في المسلم العدل ، فإن لم يستطع العدل فعليه بواحدة لا يزيد عليها حتى لا يميل إلى غيرها كل الميل ، و من ثم فإن الزوجة التي تعارض الزواج الجديد لا يقوم على مجرد كراهيتها لزوجها أو نفورها منه لتزوجه بأخرى ، فليس لها أن تطلب فصم علاقتها به لمجرد الادعاء بأن اقترانه بغيرها يعد في ذاته إضراراً بها ، و إنما يجب عليها أن تقيم الدليل على أن ضرراً منهياً عنه شرعاً قد أصابها بفعل أو امتناع من قبل زوجها ، على أن يكون هذا الضرر حقيقياً و ثابتاً و ليس مفترضاً ، و مستقلاً بعناصره عن واقعة الزواج اللاحق في ذاتها و ليس مترتباً عليها ، مما لا يغتفر لتجاوزه الحدود التي يمكن التسامح فيها شرعاً ، منافياً لحسن العشرة بين أمثالهما بما يخل بمقوماتها و يعد إساءة دون حق اتصلت أسبابها بالزيجة التالية و كانت هي باعثها ، فإن لم تكن هذه الزيجة هي المناسبة التي وقع الضرر مرتبطاً بها فإن من حق الزوجة طلب التفريق طبقاً لنص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم ۲۵ لسنة ۱۹۲۹ ، و إلا كان مجرد الجمع بين امرأتين قرينة قانونية يفترض به الإضرار بالزوجة الأولى و بذلك يكون التفريق معلقاً على إرادتها ، و هو ما لم يتضمنه نص المادة ۱۱ مكرراً من المرسوم بقانون رقم ۲۵ لسنة ۱۹۲۹ المضافة بالقانون رقم ۱۰۰ لسنة ۱۹۸۵ ، و على هذا يكون المشرع قد استبعد الأضرار التي تعود إلى المشاعر الإنسانية التي تعتمل في صدر المرأة تجاه ضرتها التي مرجعها الغيرة الطبيعية بين امرأتين تتزاحمان على رجل واحد ، و هذا أمر لا يمكن تنقية النفوس البشرية منه ، و لم يقصد النص المذكور إلى إزالته .
لما كان ذلك ، و كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف بتطليق المطعون ضدها على الطاعن لمجرد تضررها من زواجه بأخرى دون أن يبين هذا الضرر ، فإن يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما جره إلى القصور في التسبيب بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة دون حاجة لبحث أسباب الطعن “.
(الطعن رقم ۵٤ لسنة ٦۳ قضائية – أحوال شخصية – جلسة ۱٦ /۱۲ / ۱۹۹٦ )